للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [٤٣ - في تقديم الكفارة على الحنث]]

وفي تقديم الكفارة على الحنث روايتان (١): إحداهما الجواز وهو قول الشافعي (٢)، والأخرى المنع وهو قول أبي حنيفة (٣)، فوجه الجواز قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير" (٤)، وروي "فيأت الذي خير وليكفر عن يمينه" (٥) وذلك يفيد التخيير، ولأنه معنى لرفع حكم اليمين كالاستثناء، ولأن الكفارة أقوى من الاستثناء لأنه يؤتى بها متصله ومنفصلة والاستثناء لا يؤتى به إلا متصلا فإذا أثر الاستثناء قبل الحنث فالكفارة أولى، ولأنه كفر بعد العقد فأشبه أن يكفر بعد العقد والحنث ووجه المنع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فأت الذي هو خير ثم كفر عن يمينك" (٦) وهذا نص، ولأنه حق في مال تعلق بسبب فلم يجز تقديمه على سببه أصله الزكاة، ولأن الكفارات (٧) في الأصول يجوز تقديمها على ما يوجبها اعتبارا بالظهار والقتل.

[فصل [٤٤ - لا فصل بين الصيام وغيره في تقديم الكفارة على الحنث]]

وإذا قلنا بالجواز فلا فصل بين الصيام وغيره (٨)، خلافًا للشافعي (٩)؛ لأنه أحد أنواع الكفارة فأشبه الإعتاق والإطعام.


(١) انظر المدونة: ٢/ ٣٨، التفريع: ١/ ٣٨٧.
(٢) انظر مختصر المزني ص ٢٩١.
(٣) انظر مختصر الطحاوي ص ٣٠٧، مختصر القدوري - مع شرح الميداني: ٤/ ٨.
(٤) أخرجه مسلم في الأيمان باب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرًا منها: ٣/ ١٢٧٢، ومالك: ٢/ ٤٧٨.
(٥) سبق تخريج الحديث ٦٣٠.
(٦) أخرجه البخاري في الأيمان والنذور باب قوله تعالى {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} ٧/ ٢١٦، ومسلم في الأيمان باب ندب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها: ٣/ ١٢٧٣ - ١٢٧٤.
(٧) في م: الكفارة.
(٨) انظر المدونة: ٢/ ٣٨، الكافي ص ١٩٨.
(٩) انظر مختصر المزني ص ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>