للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على سواك من أراك فقد تبوأ مقعده من النار" (١)، ولأن أبا بكر وعمر رضوان الله عليهما استحلفا عند المنبر (٢)، وروي أن عمر رضي الله عنه طولب بذلك في يمين توجهت عليه فافتدى ولم يحلف (٣)، وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال لرجل -أحلف بالطلاق فقال لامرأته: حبلك على غاربك- تحلف بالله عند المنبر لما أردت الطلاق (٤)، ونحوه عن ابن عباس (٥) فدل على أنه إجماع، ولأن اليمين تراد لزجر وردع وليتخرج الحالف ويمتنع من الإقدام على يمين إن كان مبطلا بها ويخرج من حق إن كان، وقد ثبت أن الحلف في المواضع التي تعظم وتشرف أبلغ في الردع وأوقع في الزجر من الحلف في غيرها فوجب أن يكون أولى.

إذا ثبت هذا فالمواضع في البلد الذي يكون فيه الخصومة: ففي المدينة عند منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه أشرف المواضع بها، وللخبر الذي رويناه، وفي سائر البلاد في أشرف البقاع بها وأعظمها حرمة وذلك في المسجد الجامع أو غيره مما يشرف به ويعظم، وتغلظ على اليهود والنصارى فيحلف اليهودي في كنيسته والنصراني في بيعته لأن هذه المواضع هي أعظم مواضعهم عندهم، ولأن التغليظ بذلك إنما الغرض به الردع والزجر فهي في المواضع التي يعتقدون تعظيمها أبلغ فيما يراد.


(١) أخرجه أبو داود في الأيمان والنذور باب تعظيم اليمين عند منبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: ٣/ ٥٦٧، وابن ماجه في الأحكام باب اليمين عند مقاطع الحقوق: ٢/ ٧٧٩، ومالك: ٢/ ٧٢٧ وأحمد: ٢/ ٣٢٩، وسنده صحيح (الهداية في تخريج أحاديث بداية المجتهد: ٨/ ٦٥٥).
(٢) أخرجه البيهقي: ١٠/ ١٧٧.
(٣) أخرجه البيهقي: ١٠/ ١٧٧.
(٤) انظر البيهقي: ٧/ ٣٤٣.
(٥) انظر الشافعي في الأم: ٧/ ٣٦، والبيهقي: ١٠/ ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>