للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحكم فيه بالقافة كولد الأَمَة (١)، وقد بينا أن الحكم بالقافة إنما هو في وطء الرجلين الأمة في طهر واحد إذا أتت به لما يتشبه أن يكون منهما (٢)، وعند أبي حنيفة أن الحاكم بالقافة باطل ولا يراعى الشبه، قال: فإذا تنازع الولد رجلان لحق بهما وكان ابنًا لهما يرثانه ويرثهما وكذلك عشرون وثلاثون رجلًا لو ادعوه إن أمكن ذلك (٣).

وقال الشافعي: يحكم القافة في ولد الأَمَة والحرة (٤)، ودليلنا على وجوب الحكم بالقافة ما روي عن عائشة أنها قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبرق أسارير وجهه، فقال: ألم ترى إلى مجزز المدلجي (٥)، نظر إلى أسامة وزيد وعليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض (٦).

فوجه الدلالة (٧): أن المشركين كانوا يطعنون في نسب أسامة لأنه كان أسود وكان زيد أبيض، وكان ذلك يشق على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسُرَّ بقول مجزز لكونه فائفًا عارفًا بالأنساب، ولو كان ذلك ظنًّا وتخمينًا (٨) لا يتعلق به حكم لم يسر به، ولأنكْرَ على مجزز إخباره به كما ينكر (٩) كما يذكر من أمر الجاهلية


(١) انظر: المدونة: ٢/ ٣٥٨.
(٢) في (م): منها.
(٣) انظر: مختصر الطحاوي ص ١٤١، مختصر القدوري مع شرح الميداني: ٢/ ٢٥.
(٤) انظر: مختصر المزني ص ٣١٧ - ٣١٨، المهذب: ٢/ ١٢١.
(٥) مجزز المدلجي: هو والد علقمة بن مجزز، وسمي مجززًا لأنه كان إذا أخذ أسيرًا في الجاهلية جز ناصيته وأطلقه، وكان عارفًا بالقيافة وكان فيمن شهد فتح مصر (فتح الباري: ١٢/ ٥٧).
(٦) أخرجه البخاري في الفرائض، باب: القائف: ٨/ ١٢، ومسلم في الرضاع، باب: العمل بإلحاق القائف الولد: ٢/ ١٠٨١.
(٧) في (م): موضع الدليل.
(٨) في (م): وحدسًا.
(٩) كان ينكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>