للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الكثير والقليل كتساوي الفارسين في السير، وقيل: لأنها شركة ظاهرة مأخوذة من عناني الشيء إذا أخطر ببالك فأظهرته، وقيل: إنها معروفة في اللغة كقول الشاعر (١):

وشركنا قريشًا في علاها … وفي أحسابها شرك العنان

وفي الجملة فمن أي شيء ثبت أنّها أخذت إذا كانت على الصفة التي ذكرناها فإنها (٢) جائزة، وإنما شرطنا أن تكون أيديهما على المالين بخلط أو جعله في صندوق أو غيره خلافًا لأبي حنيفة في قوله: إن الشركة تصح وإن كان مال كل واحد منهما في يده إذا عيناه واحصراه (٣)؛ لأن الشركة تقتضي تساويهما في الاشتراك بالمال، فإذا انفرد أحدهما بثبوت يده عليه لم توجد حقيقة الشركة (لأنهما على ما كانا عليه من انفراد المالين فلم يحصل منهما إلا القول، ومجرد القول لا يأتي له بدليل: أنهما لو تعاقدا إلى الشركة) (٤) على مال ولم يعيناه فإنها لا تنعقد لأن الشركة لا تحصل على مال لم تثبت أيديهما عليه، ولأن كل واحد من المالين يثبت على ملك صاحبه فلم تثبت به شركة أصله سائر أمواله عكسه إذا خلطاه أو كانت أيديهما عليه.

وإنما شرطنا (٥) خلطهما حتى لا يتميزا إذا كانا بحيث ينالهما أيديهما بالتصرف (٦) خلافًا للشافعي في قوله: إن الشركة لا تنعقد إلا بخلط المالين (٧) لأن أيديهما ثابتة على المالين كما لو خلطاهما (٨).


(١) البيت الشعري قاله النابغة الجعدي (انظر الصحاح: ٦/ ٢١٦٦).
(٢) في (م): فهي.
(٣) انظر: مختصر الطحاوي ص ١٠٧، مختصر القدوري- مع شرح الميداني: ٢/ ١٢٥ - ١٢٦.
(٤) ما بين قوسين سقط من (ق).
(٥) في (م): لم يشرط.
(٦) في (م): تصرفهما.
(٧) انظر: مختصر المزني ص ١٠٩، الإقناع ص ١٠٧.
(٨) في (ق): خلطاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>