للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو سنة بسنة على ما يؤدي إليه الاجتهاد مما لا يستضر به، فإن مات قبل استيفاء ما أعد له من النفقة رجع باقي نفقته لورثة الموصي أو إلى أهل الوصاية إن كان المال ضاق عن استيفائها وإن كان عاش زيادة على التعمير فلا شيء له وقال أشهب يرجع إلى أهل الوصايا فيحاصهم ثانية (١).

وإنما قلنا إنه لا يعمر لأنا لو لم نقل ذلك لم ندر كم نعطيه لأنا إن أنفقنا عليه أبدا إلى أن يموت ومدة بقائه مجهولة أضر بالورثة حيث حبس حقوقهم عنهم وإن لم يعطه شيئًا حتى يعلم كم بقي من عمره فإن ذلك غاية المحال فلم يبق إلا التعمير.

وإنما قلنا يعمر سبعين لأنه غالب التعمير وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "أعمار أمتي ما بين (٢) الستين إلى السبعين وأقلهم ما يجاوز ذلك" (٣)، ووجه قول عبد الملك تسعين سنة لأنها الغالب من تناهي الأعمار وقول مالك أصح، ولو أوصى لمن له سبعين أو ثمانين لم يكن له (٤) إلا الاجتهاد في نفقته مثله، وإنما قلنا إنه ينفق عليه على ما ذكرناه ولا يسلم إليه دفعة ليتم غرض الموصي لأن غرضه امتداد الإنفاق بقية عمره، وإذا سلمت النفقة إليه جاز أن يتلفها لوقته أو يسرف في صرفها غرض الموصي.

وإنما قلنا إنه إذا مات قبل استيفاء المدة والنفقة كان باقي النفقة لورثة الموصي لأن الموت سبب استحقاقها فعادت ميراثًا، ولذلك كقوله: إذا مت ودخل زيد الدار فأعطوه دينارًا فمات زيد قبل دخوله فيعود ميراثا، ولا شيء لورثة الموصى


(١) انظر التفريع: ٢/ ٣٣٠، الكافي: ٥٥٤.
(٢) في م: من.
(٣) أخرجه البيهقي: ٣/ ٣٧٠، والحاكم: ٢/ ٤٢٧، وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
(٤) في م: فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>