للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلافه، فأما إجماعهم من طريق النقل أو ما في معناه: فإنه ينقسم إلى نقل قول ونقل فعل ونقل إقرار ونقل ترك وعليه بني أصحابنا الكلام في كثير من مسائلهم واحتجوا به على مخالفهم وتركوا له أخبار الأحاد والمقاييس (١)، وهو مثل نقل الآذان والإقامة وتقديم الآذان للفجر قبل وقتها والصاع والمد وترك أخذ الزكاة من الخضروات وإثبات الأحباس والوقوف وغير ذلك ودليلنا على كونه حجة: اتصال نقله على الشرط المراعى في التواتر من تساوي أطرافه وامتناع الكذب والتواطء والتواصل والتشاعر على ناقليه وهذه صفة ما يحج نقله (٢)، ولا معتبر (٣) لقولهم إنه لم يثبت هذه الصفة لنقلهم لأن الذين نقلوا ذلك هم الذين نقلوا موضع قبره ومنبره - صلى الله عليه وسلم - وهم أهل المدينة قرنا بعد قرن وخلفا عن سلف ولدا عن والد وآخر عن أول، وكذلك قال مالك رحمه الله لما احتاج لإثبات الوقوف فقال: هذه صدقات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحباسه مشهورة عندنا بالمدينة معروفة، ولمسائها رجع أبو يوسف إلى القول بأن مقدار الصاع ما يقوله أصحابنا وترك مذهب أبي حنيفة (٤) لما رأى (٥) من تواتر النقل وتناصره من الخلف عن السلف، وإذا ثبت ذلك صح ما قلنا، ومن ذهب إلى أن إجماعهم (٦) من طريق الاستنباط والاجتهاد حجه احتج بأن لأهلها من المزية بمشاهدة خطاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسماع كلامه والمعرفة بأسباب خطابه وألفاظه ومخارج أقواله ما ليس لغيرهم ممن نأى وبعد عنه، وقد ثبت أن من حملت له هذه المزية كان أعرف بطرق الاستنباط ووجوه الاجتهاد والاستخراج فكانوا حجه


(١) انظر: إحكام الفصول: ٤٨٠، المقدمات: ٣/ ٤٨١، مختصر ابن الحاجب: ٢/ ٣٥.
(٢) في م: فعله.
(٣) في ق: معتد.
(٤) انظر تمام القصة في سنن البيهقي: ٤/ ١٧١، وذكر القصة كذلك أبو عبيد في الأموال: ٤٦٣، والحافظ ابن حجر في الفتح: ١١/ ٥٩٨.
(٥) لما رأى: سقطت من ق.
(٦) في م: ابتاعهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>