للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه بالاتفاق على أن لها وقتًا يخصها وأقله ما يستغرق فعلها، ولأنه لو كان بكونه مدركًا لركعة من الوقت الآخر من العصر مدركًا للظهر والعصر، لكان إذا أغمي عليه بعد الزوال بقدر ركعة يلزمه قضاء الظهر والعصر لكونه مدركًا لوقتها وذلك خلاف قولهم.

إذا ثبت ما ذكرناه، فالاعتبار فيمن ذكرناه بالوقت الذي يعتبر منه إدراكهما قدر خمس ركعات تختلف، فمنهم من يعتبر بأن يدرك ذلك بعد فراغه من غسله أو وضوئه وما يصلحه من الأمر اللازم له، وهذا في الحائض تطهر والصبي يبلغ فلو طهرت الحائض وبلغ الصبي لقدر خمس ركعات، فإلى أن تطهر وتلبس وبقي عليه قدر ركعة كان عليه العصر دون الظهر، ولو لم يبق من الوقت شيء لم يكن عليه شيء ولا ينظر إلى ما يبقى عليها من وقت انقطاع الدم أو البلوغ، فأما النصراني يسلم فقال ابن القاسم: يعتبر له الإدراك من وقت إسلامه لا من فراغه من أمره (١)، وقال غيره: يعتبر بفراغه من طهارته وستر عورته كما يعتبر ذلك في المريض، لأن بإسلامه قد سقطت المؤاخذة عنه بما كان منه حال كفره.

وحكم المغمى عليه عند مالك حكم الحائض والصبي (٢)، وأجراه أبو حنيفة مجرى النصراني يسلم (٣)، في أن الاعتبار بالباقي من الوقت حين الإفاقة والإِسلام، وقول مالك أصح وأرجح، لأنا إن سوينا بين النصراني وبين الحائض كان المغمى عليه معتبرًا بهما، وإن فرقنا بينهما كان المغمى عليه أشبه بالحائض منه بالنصراني لأنه لا صنع له في إغمائه في ترك الصلاة فيه، والله أعلم.


(١) انظر: المدونة: ١/ ٩٢، التفريع: ١/ ٢٥٧.
(٢) انظر: المدونة: ١/ ٩٢، التفريع: ١/ ٢٥٧.
(٣) انظر: مختصر الطحاوي ص ٢٤، مختصر القدوري: ١/ ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>