للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى جنبك" (١)، وإنما اخترنا له أن يثني رجليه للسجود لأنه إذا قدر على شيء من بنية الصلاة حال الصحة لم تسقط عنه للعجز عما لا يقدر عليه، وإنما قلنا متربعًا ليفصل بين قعوده الذي هو بدل من القيام وبين قعوده الأصلي للتشهد، وإذا احتاج إلى الفصل فليس في هيئة الجلوس أشد تمكنًا ووقارًا من التربع، وإنما قلنا: يكون سجوده أخفض من ركوعه لأنه صلى الله عليه وسلم عاد مريضًا فرآه يصلي على وسادة فرمى بها وقال: "صلِّ بالأرض إن استطعت وإلا فأوميء إيماء واجعل سجودك أخفض من ركوعك" (٢)، ولأن السجود لما كان في الفعل أخفض من الركوع، فكذلك في بدله الذي هو الإيماء، وإنما قلنا: إنه إذا عجز عن القعود اضطجع على جنبه الأيمن لقوله صلى الله عليه وسلم: "صلِّ قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جنبك (٣) "، ولأن التيامن من مندوب الله في الشرع وسائر وجوه القرب، فإن لم يقدر فعلى ظهره مستقبل القِبْلة لأنه لا يمكن غيره، وقاله ابن المواز (٤): على جنبه الأيسر، ووجهه أن التوجيه على الجنب أقرب إلى الاستقبال من أن يكون على الظهر.


(١) أخرجه البخاري في تقصير الصلاة، باب: من لم يطق الصلاة قاعدًا صلى على جنبه: ٢/ ٤١.
(٢) أخرجه البزار والبيهقي في المعرفة وأبو يعلى الموصلي في مسنده، وقال الهيثمي في الزوائد (٢/ ١٥١): رجال البزار رجال الصحيح، وأخرجه الطبراني في معجمه (انظر نصب الراية: ٢/ ١٧٥).
(٣) سبق تخريج الحديث قريبًا.
(٤) ابن المواز: أبو عبد الله محمَّد بن إبراهيم بن زياد الإسكندراني تفقه بابن الماجشون وابن عبد الحكم، له كتاب مشهور بـ "الموازية"، روي عنه: ابن قيس، وابن أبي مطر، والقاضي أبو الحسن الإسكندراني. (ت ٢٦٩ هـ) (ترتيب المدارك: ٤/ ١٦٧، الديباج: ٢/ ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>