للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما قلنا: يكون بستر عورته لأنه لما وجب سترها وهو حي فكذلك بعد الموت، لأن حرمته باقية كهي في حال الحياة، وروي أن محمَّد بن سيرين (١) غسل أنس بن مالك، فلما بلغ إلى عورته قال لأهله: أنتم أحق دونكم فاغسلوها (٢)، فجعل الذي غسلها على يده خرقة وجعل على عورته ثوبًا ثم غسل عورته من تحت الثياب.

وإنما قلنا: ينزع ثيابه خلافًا للشافعي (٣) في قوله: إنه يغسل في القميص، لأن ذلك أمكن في غسله وأبلغ في تنظيفه وأعون لغاسله على ما يريده من ذلك.

وإنما قلنا: إنه إن احتاج إلى مباشرة عورته بيده فعل، فلأن تلك حال ضرورة، والضرورات تنقل الأصول عن بابها، وتغير موجباتها للحاجة إلى إزالة ما تدعو الضرورة إلى إزالته.

وإنما قلنا: إنه يعصر بطنه عصرًا رقيقًا، فلأنه لا يؤمن أن يخرج منه شيء فيلطخ أكفانه وتنتهك بذلك صيانته ويزول المعنى المطلوب بتكرار غسله من المبالغة في تنظيفه، وقد روي ذلك عن السلف.

وإنما قلنا: لا يقلم له ظفر ولا يحلق له شعر خلافًا للشافعي في استحبابه لذلك (٤)، ولأحمد بن حنبل في قوله: بحلق عانته وتقليم أظفاره (٥)، لأن الأصل ألا يفعل في الميت شيء إلا بشرع، ولم يرد شرع بذلك، ولأنه إزالة شيء متصل به خلقة بدنة فأشبه الختان.


(١) محمَّد بن سيرين: أبو بكر محمَّد بن سيرين البصري مولى أنس بن مالك، إمام وقته بالبصرة، وكان فقيهًا غزير العلم ثقة ثبتًا علامة في التعبير رأسًا في الورع (ت ١١٠ هـ) (انظر تذكرة الحُفَّاظ: ١/ ٧٨١).
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير (مجمع الزوائد: ٥/ ٢١).
(٣) انظر: الأم: ١/ ٢٨١، المهذب: ١/ ١٢٨.
(٤) انظر: مختصر المزني ص ٣٦.
(٥) انظر: مسائل الإمام أحمد ص ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>