للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأرادت هي أن تتمسك به وتعطيه مثل نصف ما أعطاها عينًا لم يكن لها ذلك إلا برضاه، فإن كان الذي اشترته به شيئًا تختص هي بمنفعته، فإن عليها أن تغرم له نصف العين الذي أخذت منه (١)، وعند أبي حنيفة والشافعي يلزمها أن تغرم له نصف العين الذي أخذت منه على كل وجه (٢)، ودليلنا أن العرف إذا كان جاريًا بأن المرأة تتجهز (٣) للرجل، وأنه يلتمس ذلك وعليه مضت عادة أهل بلدهم وجب متى فعلته أن يكون عليها نصاب ما اشترته، لأنه على ذلك دخل فكأنها قد فعلته بأمره لأنه قد علم أنها تصرفه فيه، فإذا كان العرف جاريًا بذلك صار كأنه صرح فقال: قد أذنت لك أن تشتري بصداقك جهازًا، فإذا طلقها قبل الدخول لم يكن له إلا نصف ما اشترته به.

ودليلنا على وجوب ما ذكرناه قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} (٤)، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - أخذ صداق فاطمة - رضي الله عنها - فصرفه في جهازها من طيب وفراش ووسادتين على ما روي في الخبر (٥) وفعله على الوجوب، ولأن عليًّا - رضي الله عنه - حكم بذلك في قضية ارتفع (٦) إليه فيها: قضى على الأب بوجوب تجهيز ابنته، وقال للزوج لما طلق وطلب نصف ما دفعه وقال: أعطيت (٧) دراهم وآخذ صوفًا وخرقًا فقال: أنت أضعت مالك (٨)، ولم يخالف عليه أحد، فأما إذا صرفته في شيء تختص به مثل شراء عقار للتجارة (٩)


(١) انظر: المدونة: ٢/ ١٧٧ - ١٧٩، التفريع: ٢/ ٤١، الكافي ص ٢٥٢.
(٢) انظر: مختصر الطحاوي ص ١٨٨، الأم: ٥/ ٦١ - ٦٢.
(٣) في (ق): تجهز.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ١٩٩.
(٥) سبق تخريج الحديث في الصفحة (٧٥٣).
(٦) في (م): ارتفعت.
(٧) في (م): أعطى.
(٨) أخرجه الإِمام مالك مختصرًا: ٢/ ٥٧٣.
(٩) للتجارة: سقطت من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>