للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشافعي (١)، لأنه لو أثر في ذلك لم يخل أن يكون تأثيره من حيث الشرط أو الاستثناء، فإن كان من حيث الشرط فلا يصح لأنه لا يخلوا أن يكون لنا سبيل إلى العلم بحصوله أو لا سبيل لنا إلى ذلك، فإن كان لنا سبيل إلى ذلك وقف الأمر عليه وليس هذا مذهبهم لأنهم لا يترقبون شيئًا ويقطعون بانتفاء الطلاق، ولأنه لا شيء يترقب، وإن كان لا سبيل لنا إلى العلم به فتعليق (٢) الطلاق به هزل وعبث كقوله: أنت طالق إن كان الله (٣) قد خلق اليوم في قعر البحر القلزم (٤) حوتًا طوله كذا وكذا ذراعًا وغير ذلك مما لا سبيل إلى العلم به، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث هزلهن جد وجدهن جد: فذكر الطلاق" (٥) وإن كان من حيث الاستثناء فلا يصح أيضًا لأن الاستثناء إنما يدخل على مستقبل الأفعال دون ماضيها وقوله: أنت طالق إيجاب في إيقاع (٦) فلا مجال للاستثناء فيه لأن الاستثناء معنى يحل اليمين المنعقدة كالكفارة، وقد ثبت أنه لا مدخل للكفارة في الطلاق فكذلك الاستثناء، ولأن الكفارة أقوى لأنها تؤثر متصلة ومنفصلة والاستثناء لا يؤثر إلا متصلًا، فإذا لم تعمل الكفارة في الطلاق فالاستثناء أولى، ولأنه استثناء في طلاق يرفع جميعه في الحال والمآل، فوجب أن لا تعمل فيه كما لو قال: أنت طالق ثلاثًا إلا ثلاثًا.


(١) انظر: مختصر الطحاوي ص ١٩٩، مختصر المزني ص ١٩٤.
(٢) في (م): فتعلق.
(٣) في (ق): إن شاء الله.
(٤) البحر القلزم: المكان الذي غرق فيه فرعون وآله وهو ما يعرف اليوم بالبحر الأحمر (معجم البلدان: ٤/ ٣٨٧).
(٥) أخرجه أبو داود في الطلاق، باب: في الطلاق على الهزل: ٢/ ٦٤٣، وابن ماجه في الطلاق، باب: من طلق أو نكح: ١/ ٦٥٨، والترمذي في الطلاق، باب: ما جاء في الجد والهزل في الطلاق: ٣/ ٤٩٠، وقال: حديث حسن غريب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد: ٢/ ١٩٨.
(٦) في (ق) و (ر): إيجاب وإيقاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>