للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو النوع امتنع في الطعام وجاز في غيره لأنه إذا أسلم إليه في كر (١) حنطة، فلما حل الأجل أعطاه مكانه عدسًا أو أرزًا أو حمصًا أو غير ذلك من أنواع الطعام أو العروض أو الحيوان لم يجز شيء من ذلك لأنه بيع الطعام قبل قبضه وقصد المتاجرة والمغابنة وخروج عن المعروف والمسامحة.

وأما في غير الطعام فيجوز كأنه أسلم إليه في عشرة أثواب قصب بصفة معلومة وغزل معروف، فلما حل الأجل رجع إليه عنها شيئًا من غير جنسها مثل الطعام أو الحيوان، فإنه يجوز لأنه بيع الثياب المسلم فيها قبل قبضها وذلك جائز بخلاف الطعام، وهذا إذا قبض الشيء الذي ينتقل إليه فإن لم يقبضه وكان في ذمة المسلم إليه لم يجز لأنه يصير دينًا بدين، فأما إن دفع إليه (٢) قبل حلول الأجل مثل طعامه في الكيل والصفة فله أن يقبله وله أن لا يقبله (٣) خلافًا للشافعي في قوله: إنه يلزمه أن يقبل العروض (٤) وكل ما سوى الحيوان؛ لأن الأجل في السلم حق لهما، فلما كان المسلم لو طالب به قبل حلول أجله لم يلزم المسلم إليه دفعه لأنه في ذلك إسقاط حقه من تبقيته في ذمة المسلم إليه وضمانه وأن يسقط عنه حفظه ومراعاته، فإذا ثبت ذلك وتراضيا على أخذه قبل الأجل جاز لأنه مسامحة من أحدهما للآخر.

فأما الذهب والفضة فيلزم من تدفع إليه قبل محلها أخذها بخلاف غيرها من الطعام والعروض لأنه لا يرجى فيها من تغير الأسواق واختلاف الأسعار ما يرجى في سائر المثمنات ولا يحتاج إلى حفظ ولا مراعاة ولا تلزم عليها مؤونة ولا يخاف عليه فساد، فكان الأجل فيها حقًّا ينفرد به من هي عليه والله أعلم، وهذا الذي ذكرناه في الذهب والفضة يستوي فيه البيع والقرض، فأما ما عداه فالأجل


(١) الكر: كيل معروف وهو ستون قفيزًا أو اثنا عشر وسقا (المصباح المنير ص ٥٣٠).
(٢) إليه: سقطت من (ق).
(٣) في جملة هذه الأحكام انظر: المدونة: ٣/ ١٣٥، التفريع: ٢/ ١٣٦، الرسالة ٢١٦ - ٢١٧، الكافي ٣٣٩.
(٤) انظر: الأم: ٣/ ١٣٢ - ١٣٣، مختصر المزني ٩٢، الإقناع ٩٧ - ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>