للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثر منه، فهذا القدر هو الممنوع وهو أن يبيعها بمائة إلى شهر فيبتاعها نقدًا أو إلى دون الشهر بثمانين (١) أو إلى شهرين بمائة وعشرين، ففي هذين الموضعين يمنع لأنه إذا ابتاعها نقدًا بثمانين حصل منه أنه وزن ثمانين وأخذ بعد مدة مائة وتسمية الثمن والبيع لغوًا، وكذلك إذا ابتاعها إلى شهرين بمائة وعشرين حصل منه أنه يأخذ من المشتري بمائة ويعطيه بعد مدة مائة وعشرين وذلك ذريعة إلى الربا فيجب منعه (٢)، خلافًا للشافعي في قوله أنه جائز (٣)، وذلك لو جاز لأبيح التذرع إلى الربا والعينة، وهي أن يقول الرجل للرجل: ابتع لي هذه السلعة بعشرة دنانير وأنا أربحك دينارًا، فيفعل ذلك فيحصل منه قرض عشرة بأحد عشر من غير حاجة البائع إلى السلعة، وإنما تذرع بها إلى قرض الذهب بأكثر منها، وإذا وجدنا فعلًا من الأفعال يقع على وجه واحد لا يختلف إلا بالنية من فاعله وظاهره واحد ولم يكن لنا طريق إلى تمييز مقاصد الناس ولا إلى تفصل أغراضهم وجب حسم الباب وقطع التطرق إليه، فهذا وجه بنائها على الذريعة، ولأن الصحابة سلكوا هذه الطريقة في منع البيع في هذه المسألة: لأن ابن عباس سئل عن رجل باع سلعة بمائة ثم اشتراها بخمسين، فقال: الدراهم بالدراهم متفاضلة، والسلعة دخلت بينهما (٤)، وهذا نص قولنا، ونكتة المسألة حديث زيد بن أرقم (٥): أن أم ولده باعته جارية بثمانمائة درهم إلى العطاء ثم اشترتها بعد ذلك بست مائة فقالت لها عائشة رضي الله عنها: بئس ما اشتريت (٦) وبئس


(١) في (ق): بمائتين.
(٢) انظر: المدونة: ٣/ ١٣٥ - ١٩٣، التفريع: ٢/ ١٦٣، الرسالة ص ٢١٧، الكافي ص ٣٢٤.
(٣) انظر: الأم: ٣/ ٧٨ - ٨٠، مختصر المزني ص ٨٥.
(٤) المحلي: ٩/ ١٠٦، عبد الرزاق: ٨/ ١٨٧.
(٥) زيد بن أرقم: بن زيد بن قيس الأنصاري الخزرجي، صحابي مشهور، أول مشاهده الخندق، وأنزل الله تصديقه في سورة المنافقين، مات سنة ثمان وستين (تقريب التهذيب ص ٢٢٢).
(٦) في (ق): ما شريت.

<<  <  ج: ص:  >  >>