وروى هذا الحديث الطبراني، والبزار، وفي إسناده محمد بن الحجاج اللخمي، وهو ممن لا يوثق بخبره، بل يعده النقاد في جملة الكذابين. وروى هذا الخبر ابن سيد الناس في "سيرت" على وجه يخالف روايته السابقة؛ إذ جاء في روايته: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"فلست أنساه بسوق عكاظ على جمل أورق، وهو يتكلم بكلام ما أظن أني أحفظه"، فقال أبو بكر: يا رسول الله! فإني أحفظه، كنت حاضراً ذلك اليوم بسوق عكاظ، فقال في خطبته: أيها الناس ... إلخ الخطبة، والأبيات. على أن في سند هذه الرواية من يتهم بوضع الأحاديث؛ كما قال ابن كثير. فخبر قس هذا ورد من طرق كلها ضعيفة، وقصارى ما يؤخذ منها: أن أصل القصة ثابت، وأن قساً كان على شيء من التوحيد.
ويذكر المؤرخون من الموحدين: خالد بن سنان العبسي، وقد وردت آثار تتضمن أنه كان نبياً، وأن ابنه أو ابنته جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه - عليه الصلاة والسلام - قال:"ذاك نبي ضيعه أهله". وهذه الروايات كلها ضعيفة، لم تقم على سند يعتد به، ومما يساعد على ردها: قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه سعيد بن جبير مرسلاً:"أنا أولى الناس بعيسى بن مريم، وليس بيني وبينه نبي".
وأذكر بهذه المناسبة أن ببلاد الجزائر قبراً عليه بناء يقال: إنه قبر خالد ابن سنان، ويجتمع الناس لزيارته في اليوم السادس والعشرين من شهر رمضان، وشهدت الاجتماع به في بعض السنين، ورأيت هنالك بدعاً تقام حول القبر، وعسى أن يكون أهل العلم قد قاوموها، وليس لهم من أثر على أن هذا قبر خالد بن سنان سوى ما شاع هناك من أن بعض الصالحين أخبر بذلك.