وإذا كان الشعراء الذين يضاف إليهم هذا الشعر الجاهلي إنما يبعدون عن عهد الإِسلام بنحو عصر، وكانت العناية برواية الشعر وإنشاده في القبائل والحواضر بالغة متواصلة، فليس بمستنكر أن يصح معظم هذا الشعر الذي يضيفه الرواة الثقات إلى الجاهليين، ولا يكون من المنحول في شيء.
* كلحم خنزير ميت، حرام في حرام:
قال المؤلف في (ص ١٢٦): "القرآن وحده هو النص القديم الذي يستطيع المؤرخ أن يطمئن إلى صحته، ويعتبره مشخصاً للعصر الذي تلي فيه".
المؤرخ الذي يؤمن بنبوة من نزل عليه القرآن، لا يسعه إلا أن يعتبر ما جاء في القرآن من أنباء الأمم واقعاً على نحو ما تنطق به آياته المحكمات، والعصر الذي تلي فيه ذلك الكتاب والعصور الخالية، تقف تجاه هذا الإيمان على سواء.
وقد شهدنا المؤلف كيف اشتد حرصه على أن يمس القرآن بخدشة، وما كان منه إلا أن فلّى "ذيل مقالة في الإِسلام"، ووقعت يده على أذى مخلوق في شكل يلائم ذوقه، فانقلب يرمي به نحو قصة إبراهيم وإسماعيل - سلام الله عليهما -، والباطل الملقوط خفية كلحم خنزير ميت، حرام في حرام.
* نوبة أنصار القديم وأنصار الجديد:
ذكر المؤلف أن لكل أمة تاريخاً صحيحاً، وتاريخًا منتحلاً.
ثم قال في (ص ١٢٧): "ولسنا ندري لم يريد أنصار القديم أن يميزوا الأمة العربية والأدب العربي من سائر الأمم والآداب؟ ومَن الذي يستطيع أن يزعم أن الله قد وضع القوانين العامة لتخضع لها الإنسانية كلها إلا هذا