فيها هناءة العيش، وبعد أن أمضى المحتفلون ساعة في أحاديث أدبية تاريخية جميلة، ودعوا صاحب الدعوة شاكرين له كرمه وأريحيته".
* الكلمة التي ألقيتها في منزل الدكتور المالكي:
سادتي الأجلاء! أشكر لحضراتكم وحضرة صاحب الدعوة الدكتور الكبير عبد الوهاب المالكي بك على هذا الاحتفاء البالغ صادراً من صميم الفوائد، وقد أثنى حضرة الدكتور وحضرات إخوانه الخطباء على ثناء لا أستحقه، وعلى أي حال كنت، لا يسعني إلا أن أقابله بشكر جزيل؛ لأنه صادر عن عاطفة أدبية نبيلة، وإذا دلّ هذا الثناء على شيء، فإنما يدل على أن المودة الخالصة تجعل السها في نظر صاحبها قمراً، بل تريه الذرة درّة، وتخيل إليه فيما لا طعم له ولا رائحة: أنه لذيذ الطعم، ذكي الرائحة، وإذا ارتحت لهذا الاحتفال، فلأنه مظهر عاطفة مودة كانت قد ربطت بيني وبين حضرة صاحب الدعوة، وبعض حضرات المحتفلين منذ عهد بعيد، وإن هذا الاحتفاء قد دلّ على تلك المودة بعبارات جديدة، لا أنها بليت فجددها؛ لأن المودة القائمة على الفضيلة لا يمسها بِلًى حتى تحتاج إلى تجديد.
قلت هذا، وما زلت أذكر أيام كان الدكتور المالكي تلميذاً بالمدرسة السلطانية، وكنت أرى منه الجد في طلب العلم، والشجاعة الأدبية المكسوة بالحياء والأدب الرفيع، وكنت أشعر منه بإجلال ممزوج بصدق الود، حتى إذا مرّ على خاطري ذكريات أيام الدراسة بالمدرسة السلطانية وأنا بمصر، وجدت صورة ذلك التلميذ (عبد الوهاب المالكي) في أول ما يخطر في نفسي.
سادتي! كنت نشأت نشأتي العلمية في تونس، ووجدت أمامي طائفة