أنزل الله القرآن هادياً إلى سبيل السعادتين الأولى والآخرة، مؤيداً هدايته بالحجج التي لا تدع في النفوس شبهة، وفي هذا الكتاب آيات تبدو معانيها للنّاسِ عند تلاوتها، ومنه آيات لا تبدو معانيها إلا لرسول، أو راسخ في العلم، فقال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤]، وقال - عليه الصلاة والسلام - داعياً لابن عباس - رضي الله عنه -: "اللهم فقَههُ في الدين، وعلِّمه التأويل"، وفي رواية:"علمه الحكمة وتأويل الكتاب".
وورد في الصحيح أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تفسير بعض الآيات، ورويت آثار عن الصحابة في التفسير كذلك، وتعاطى التفسير من التابعين طوائف؛ كمجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، وعطاء بن رباح.
وظهر بعد هؤلاء طبقة الذين ألفوا في التفسير كتباً تجمع أقوال الصحابة والتابعين؛ كسفيان بن عيينة، وشعبة بن الحجّاج، وإسحاق بن راهويه.
وكتب في التفسير بعد هؤلاء جماعة منهم: ابن جرير الطبري في الشرق، وبقي بن مخلد في الأندلس، ودخل في زمرة المفسرين جماعة من علماء
(١) مجلة "لواء الإسلام" - العدد الخامس من السنة الأولى الصادر في شهر المحرم ١٣٦٦ هـ - تشرين الثاني، نوفمبر ١٩٤٧ م.