للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَساحَة الصَّدْر ونزاهةُ اللسان عن المكروه (١)

خلق الله الإنسان، وجعل له لساناً يبين به الحقيقة، ويتوسل به إلى ما تقتضيه الحياة من المرافق. فمن استعمله للحكمة، أو القول النافع، فقد أقر بالنعمة، ووضع الشيء في الموضع الذي خلق من أجله. ومن كمال الإنسان: ألا ينطق إلا بالحكمة، أو القول المفيد له، أو لسامعه. والشريعة أمرت بإلانة الكلام حتى للأعداء، فقال تعالى:

{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: ٣٤].

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمع الكلمة النابية، أو يبلغه أن قوماً منافقين تكلموا بسوء، ونسبوا إلى مقام النبوة ما لا يليق به، فيقول بعض الصحابة: دعنا نقتلهم، فيقول: دعوهم لئلا يقول كفار قريش: إن محمداً يقتل أصحابه.

وقال أنس بن مالك: خدمت النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، فما قال أُفٍّ، ولا: لم صنعتَ، أو هَلاَّ صنعت.

وحكي عن الأحنف الذي يضرب به المثل في سعة الصدر، والإغضاء عن النابية التي يقذف بها: أن رجلاً أخذ في إساءته حتى وصل إلى حيّه،


(١) مجلة "لواء الإسلام" - العدد الحادي عشر من السنة الحادية عشرة.