تقف في سبيل دعوته، وإنفاذ أوامره، فمن مقاصده: إقامة دولة اسلامية تجري في سياستها على شريعته ونظمه.
وهذه المزية تستدعي أن يكون أول القائمين بالدعوة إليه، والجهاد في إنقاذ ما جاء من إصلاح، ذوي أخلاق عظيمة، من نحو: الشجاعة، والصبر على المشاق، وقلة التعلق بالترف وزخارف الحياة.
وإذانظرنا إلى الأمة العربية من الوجهة النفسية، نجدها امتازت بأخلاق سامية فاقت فيها غيرها من الأمم؛ فقد كان العرب في الشجاعة والاستهانة بالموت في أقصى ذروة.
تشهد بهذا أشعارهم في الفخر بالأقدام والبسالة، ثم تاريخهم المملوء بوقائع الحروب، وحديث الأبطال الذين يؤثرون الموت في عزّ على الحياة في هون، ويتصل بالشجاعة: ما كانوا عليه من إباء الضيم، وعزة النفس، ومن يأبى الضيم، ويحمل في نفسه عزة، يقف في الدفاع عما يراه حقاً أو إصلاحا موقف الطود الراسخ، لا يخضع له عنق، ولا يتزلزل له قدم.
* حياتها بمكة:
عندما نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: ١ - ٣]، شمر عن ساق الجد في الدعوة، وأخذ يدعو إلى الحق، وأول من آمن به: خديجة - رضي الله عنها -؛ إذ علمت حين أخبرها بما تلقَّى من ملك الوحي: أن أعماله الصالحة، وخصاله الشريفة، لا يناسبها إلا كرامة الله تعالى، وإتمام النعمة عليه.
وفي أول المؤمنين به: علي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق، وزيد ابن حارثة - رضي الله عنهم -، وأخذ الناس بعد هذا يدخلون في الدين واحداً بعد واحد،