للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدنيَّة الفاضلة في الإسلام (١)

أخذ نبهاء الأمم الخاملة أو مهضومة الجانب يسعون إلى أن تكون أممهم في رقي وسعادة، وخطَوا في هذا السبيل خطوات قصيرة أو واسعة، ووضعوا أسسًا متينة أو واهية، والذي يعنينا في هذا المقام أن نقول كلمة في وسائل نهوض الشعوب الإسلامية إن كانت خاملة، أو ظفرها بالحرية الصادقة إن كانت محرومة من التمتع بحقوقها التي أوصى دينها الحنيف.

لا نفتأ نذكر ذلك السلطان الكريم الذي بسطه خلفاء الإسلام الراشدون على المعمورة، فعَلَّم الناس كيف يعيشون أحرارًا، والملوك كيف يقيمون عروشهم على قواعد العدل والمساواة، ورجال الدين كيف يدعون إلى الحقيقة والفضيلة في سماحة ووقار. ولا نجحد مع هذه الذكرى أن الشعوب الإسلامية قد وقعت منذ عهد بعيد في وهدة من الخمول، وانقطعت الصلة بينها وبين الأمم، فلم تدر ماذا يصنعون، حتى تراءى لها ما نبهها من غفوتها، وحثّها أن تنهض من كبوتها، فمسك بقيادتها فريق كانوا على بصيرة من هداية الإسلام، وإن شئت فقل: تقدم لقيادتها رجال مستنيرون من أبناء المعاهد الإسلامية، وآخرون مهتدون من القائمين على جانب من العلوم الكونية. فمن يتحدث


(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الثاني عشر من المجلد الثاني- الصادر في شهر جمادى الأولى ١٣٤٩ هـ.