العلم بالحديث والسير والمنقولات، وسائر أصناف أهل العلم خلفاً عن سلف. وقد علم بالتواتر أنه لم يتخلف عن مبايعته إلا سعد بن عبادة.
* تحقيق أنه - عليه السلام - جاء للمسلمين بشرع يرجعون إليه في الحكومة بعده:
قال المؤلف في (ص ٨٩): "بل الحق أنه - صلى الله عليه وسلم - ما تعرض لشيء من أمر الحكومة بعده، ولا جاء للمسلمين فيها بشرع يرجعون إليه".
جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - للمسلمين بشرع يرجعون إليه في الحكومة بعده، أما كونه - عليه السلام - جاء بشريعة ذات أصول قضائية، وأخرى سياسية، وأن هذه الأصول لم تفرط في شيء من جلب المصالح ودرء المفاسد، فحقيقة يراها عين اليقين كل من تدبر في القرآن، وتفقه في الدين على طريقة الباحث الحكيم.
وقد بصر علماء الإسلام بهذه الحقيقة، وتضافرت كلمتهم عليها، وإن كانوا يختلفون في بعض طرق الاستنباط، ذلك الاختلاف الناشئ عن التفاوت في الفهم، والتفاضل في العلم، والحق قد يخفى على بعض الأفراد، ولكنه لا يستتر عن عيون الجماعات المبثوثة في كل واد.
وأما الدليل على أن هذه الشريعة عامة، لا يختص بهدايتها عصر دون عصر، ولا قوم دون آخرين، فهو الكتاب، والسنّة، والإجماع، والنظر صحيح. أما الكتاب، فقوله تعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}[الأعراف: ١٥٨]، وقوله تعالى. {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}[الرعد: ٧]. وهذا يقتضي أن كل ما تقرر بوحي من عقائد وآداب وشرائع، يعم بخطابه جميع الأمم، ولا يختص بزمان, دون زمان، وكذلك تجد الوعيد على الحكم بغير