بنى المؤلف ما كتبه تحت هذا العنوان على الهجاء الذي دار بين قريش والأنصار لعهد النبوة، وبين قريش والأنصار لعهد معاوية بن أبي سفيان، ثم على تأثير العصبية في الحياة السياسية، وقد خاض في هذا الموضوع كتاب لا يخفى على المؤلف مكانه، وهو "تاريخ آداب اللغة العربية" لجرجي زيدان، فقال (١): "وقد راج الهجو السياسي في العصر الأموي؛ لاحتياج ولاة الأمور إليه بسبب الانقسام الذي قام بين الأحزاب المختلفة، وهو الهجو السياسي، وقد بدأت المهاجاة في الإسلام بين شعراء النبي وأعدائه القرشيين، ثم صارت بين المهاجرين والأنصار، أو هي بين قريش واليمن، وكان لكل من الجانبين شعراء يردون عنهم الهجاء بأشد منه، وكان المسلمون يحفظون ما يقوله هؤلاء من المهاجاة، وينشدونه، كل طائفة تنتصر لأصحابها، وبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فنهى عنه، وقال: "في ذلك شتم الحي بالميت، وتجديد الضغائن". فلما أفضى الأمر إلى معاوية، اقتضت سياسته ومصلحته أن يجدد تلك الضغائن، فجعل يغري الشعراء على الطعن بالأنصار؛ لأنهم أصحاب علي بن أبي طالب خصمِه. وكان يفعل ذلك تحت طي الخفاء، ومن الذين أغراهم على ذلك الطعن: الأخطل الشاعر التغلبي المشهور،