طرق وضع المصطلحات الطبيّة (١) وتوحيدها في البلاد العربية
شرف الأمة في رقي لغتها، ورقي لغتها في مسايرتها للعلوم والفنون، واتساعها لأن تخوض في بحث كل علم أو فن، وتشرح مسائله، وإن بلغت في كثرتها وغموضها أقصى غاية.
كانت العلوم والفنون على اختلاف موضوعاتها، قد وجدت من بيان اللغة العربية معيناً لا ينضب، فلم تلبث أن لبست من ألفاظ هذه اللغة وأساليبها حللاً ضافية.
ومن بين العلوم التي وجدت في اللغة العربية بغيتها في علم الطب، فتقبلته، وتقبلت كل ما يدخل فيه أو يتصل به من فنون.
وجد هذا العلم في اللغة أيام انتقاله إلى العرب مادة غزيرة، واستطاع أن يأخذ منها كل ما يسد حاجته، ويجعل العرب والمستعربين يتدارسونه بلسان عربي مبين.
انتقل هذا العلم إلى العرب وهو يعتزون بلغتهم، ويحرصون على أن تكون لغة العلم، كما كانت لغة السياسة والأدب والاجتماع، فالتفت علماء
(١) بحث قدمه الإمام إلى المؤتمر الطبي العربي المنعقد بالقاهرة سنة ١٩٣٩ بصفته مندوب المجمع اللغوي. ونشر في مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الثامن من المجلد الحادي عشر - الصادر في صفر ١٣٥٨ هـ - مارس ١٩٣٩ م - القاهرة.