للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصلاة والسلام - لأشخاص يفصلون بين الناس فيما شجر بينهم، ولهذا فاتحهم بقوله: لاحظنا إذ كنا نبحث عن تاريخ القضاء زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... إلخ.

وإذا شئت كلمة حق تنفض من حولك غبار هذا التشكيك الخاسر، فاربأ بنفسك عن الإذعان لغير الحجة، وألق سمعك وأنت شهيد.

* العرب والسياسة الشرعية:

من ذهب في التاريخ إلى الوقوف على حالة العرب النفسية، قبل أن تطلع عليهم شمس الإسلام، أو حين ابتدأت ترمي بأشعتها في قلوبهم، وجد طباعهم كانت تأبى لهم أن يخضعوا لسلطان، أو يدخلوا تحت نظام، كما قال النعمان (١) يصفهم لكسرى (٢): "وإنه إنما يكون في المملكة العظيمة أهل بيت واحد يعرف فضلهم على سائر غيرهم، فيلقون إليهم أمورهم، وينقادون إليهم بأزمَّتهم، وأما العرب، فإن ذلك كثير فيهم، حتى لقد حاولوا أن يكونوا ملوكاً أجمعين".

ومما ينبهك على ما ملأ نفوسهم من الغلوّ في العظمة والتنافس في السيادة: كثرةُ ما كان ينعقد بينهم من المفاخرات والمنافرات، ثم ما تراه في أشعارهم من الفخر والحماسة، ولشدة ما يصف به الرجل نفسه من الحول والقوة وعزّة القبيلة، يخيل إليك أنه مَلِكُ يجر وراءه جيشاً عرمرماً.

تجد هذه الروح سارية في نفس كل من له مكانة في قومه، حتى إن


(١) النعمان بن المنذر (... - نحو ١٥ ق. هـ = ... - نحو ٦٠٨ م) من أشهر ملوك الحيرة، نفاه كسرى إلى خانقين، وتوفي بها.
(٢) كسرى أبرويز، ملك ساساني (٥٩٠ - ٦٢٨ م).