كثيرُ من المرائي ينشأ من انطلاق المخيلة، وسيرها في غير نظام حيث تعطل الحواس، ويفقد التنبه، ولا يبقى للإرادة سلطان على تنظيم حركة التفكير. وقد تنشأ عن تعلق النفس بالشيء في حال اليقظة، وكثرة تفكيرها فيه، وربما نشأت عن أمر تنفعل له الأعصاب؛ كأن يقرع صوت الموسيقى أذن النائم، فتضطرب أعصابه، وتجري في مخيلته صور من خواص الموسيقى، فيرى نفسه في مجتمع سرور أو عرس. وجميع هذا من قبيل أضغاث الأحلام، لا يحتفل بتأويله، ولا ينبغي الالتفات إليه.
وفي المرائي ما يكون من قبيل الإلهام، فيدل على بعض المعاني دلالة صحيحة، وقد دل على وجود هذا القسم: القرآن، والسنّة الصحيحة والتجارب التي لا تقف عند نهاية، بل دل القرآن على أن صدق الرؤيا قد يتحقق في رؤيا غير المؤمنين، ومن شواهد هذا: رؤيا عزيز مصر التي عبرها يوسف - عليه السلام - ووقعت على نحو ما عبرها.
ولما كان في المرائي المنامية ما هو من هذيان المخيلة، سقطت الرؤيا عن درجة الاعتبار، ولم يكن لها في مآخذ الأحكام الشرعية موضع.
(١) مجلة "نور الإسلام" - الجزء الثالث من المجلد الثالث، ربيع الأول ١٣٥١ هـ.