العرب". ولكن الأستاذ الرافعي أبى إلا أن ينقد كتاب "في الشعر الجاهلي"، ويكف بأسه، ومن لا يدري ما الإيمان ولا الإخلاص، قد يجيء على باله أن يشتري سكوت المؤمنين المخلصين بكلمة مديح وإطراء.
والمؤلف كان ينظر في فصله هذا إلى فصل الأستاذ الرافعي، وإلى ما كتبه جرجي زيدان في "تاريخ آداب اللغة العربية"، وفي كتاب "العرب قبل الإِسلام"، وسنريكم بعض ما مد إليه عينه؛ كما أريناكم مواقع نظره من كتب أخرى.
* العناية بدرس فن القصص:
قال المؤلف في (ص ٩١): "نقول: إن هذا الفن قد تناول الحياة العربية الإِسلامية من ناحية خيالية خالصة. ونعتقد أن الذين يدرسون تاريخ الأدب العربي لو أنهم عنوا بدرس هذا الفن عناية علمية صحيحة، لوصلوا إلى نتائج قيمة، ولغيروا رأيهم في تاريخ الأدب".
ما يدخل في دائرة الأدب من منثور أو منظوم، قد يورده منشئه أو راويه على أنه قصص خيالي؛ كالمقامات، والحكايات المصنوعة على لسان حيوان أو جماد، وقد يورده على أنه أمر واقع، وهذا ما كان علماء الأدب يبحثونه؛ ليميزوا صحيحه من مصنوعه، ولهم بعد البحث ثلاثة أحوال: فإما أن يطمئنوا إلى صحته، ويضعوه بمكان العلم، وإما أن يصلوا إلى أنه مصنوع، ويطرحوه إلى جانب الخيال، وقد يتوعر أمامهم الطريق لمعرفة أن هذا المنثور أو المنظوم حقيقة أو مصطنع، وإذا لم يتضح لهم وجه الحكم عليه بالانتحال، يروونه نظراً إلى ما يحتويه من عبرة أو أدب، وإن لم يكونوا على ثقة من صحته. وهذا النوع هو الذي يمكن تغيره من احتمال الصحة إلى اعتقاد أنه