ليس من الجاهلية في شيء، ولو شئنا أن نرجع إلى هذه الكتب القديمة التي تعنى بشؤون الأدب، لوجدنا فيها آثاراً تقول: إن زعيم أولئك المجاهدين عمر بن الخطاب كان أعلم الناس بالشعر، ولا يكاد يعرض له أمر إلا أنشد فيه بيت شعر. وتخبر هذه الآثار بأنه أنشد بين يديه قصيدة عبدة بن الطيب الطويلة التي على اللام، وقصيدة أبي قيس بن الأسلت التي على العين، وشعر لزهير، وكان يتلقى بعض أبيات هذا الشعر الجاهلي بالتعجب أو الإعجاب، وجاءت الرواية بأن هذا المجاهد العظيم قال وهو على المنبر:"أيها الناس! تمسكوا بديوان شعركم في جاهليتكم؛ فإن فيه تفسير كتابكم"(١). وهذا سبيل واسع، ولسنا في حاجة إلى أن نذهب فيه إلى أبعد من هذه الغاية التي انتهينا إليها.
* إننا أمة بحث ونظر:
قال المؤلف في (ص ١٨٣): "أما نحن، فمطمئنون إلى مذهبنا، مقتنعون بأن الشعر الجاهلي أو كثرة هذا الشعر الجاهلي لا تمثل شيئاً، ولا تدل على شيء إلا ما قدمنا من العبث والكذب والانتحال، وأن الوجه -إذا لم يكن بد من الاستدلال بنص على نص- إنما هو الاستدلال بنصوص القرآن على عربية هذا الشعر، لا بهذا الشعر على عربية القرآن".
قطع المؤلف عنا حديثه بهذه الكلمة التي تنكر الشعر الجاهلي، وليست هذه الكلمة إلا سلالة تلك الشبه الكثيرة الصخب والتلاطم، وهي على ما ينعتها به الناس من صفاقة وتخاذل لم تنشط قريحة المؤلف لأن تستنبط