نزل القرآن بلسان عربي مبين، وهو يحمل دعوة حكيمة، ومعجزة باهرة:
أما الدعوة الحكيمة، فهي ما أرشد إليه من عقائد سليمة، وآداب جليلة، وأحكام عادلة، ونظم عمرانية راقية، وذلك ما يدل عليه قوله تعالى:{إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء: ٩].
وأما المعجزة، فهي ما يدركه أولو الألباب من بلوغه في حكمة المعاني، وسمو المقاصد، وفصاحة الكلم، وجودة النظم غايةً فوق ما تنتهي إليه طاقة البشر، وذلك ما يدل قوله تعالى:{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}[الإسراء: ٨٨].
وكثير من حكماء العرب وبلغائهم يسمعون القرآن، فيدخل الإيمان في قلوبهم من غير حاجة إلى أقيسة منطقية: شرطية أو جملية؛ ذلك أنهم يتلقون الدعوة وهي محفوظة بدلائل الصدق من كل ناحية، وليس بينهم وبين الاهتداء بهذه الدلائل سوى التنبه لوجه دلالتها.
ومن شواهد التاريخ على هذا قصة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -؛ إذ قرئت عليه سورة "طه"، فانشرح صدره للإسلام، وقال: أين رسول الله؟ فقيل له: في دار أرقم بن أبي الأرقم، فقصد إليه فوراً، وسرعان ما نطق بالشهادة بين يديه.