للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التّقدم بالكتابة (١)

الأمة عبارة عن نظام يتألف من أفراد شتى، تجمعها جهة واحدة كالجامعة الدينية أو الوطنية، ولا يلزم في استمرار حياتها واستقامة بنيتها أن تتناسب أفرادها كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها، بل تتفاوت رتبهم رفعة وحطة، وتختلف إرادتهم في التفنن على جلائل الأعمال وصغائرها.

سنّة الله في الذين خلوا من قبل، ولا يؤدي ذلك التفاوت والاختلاف إلى انتهاك قواها وانشقاق عصاها، ما دام أولو القوة منها، وهم علماؤها ذوو الأفكار الرشيدة، باذلين جلَّ عنايتهم وأقصى مجهودهم في تقويم المعوج من أخلاقها، وتعديل الزائغ من عقائدها، والنهي عن البدع المذمومة بألسنة من يُعتدُّ بهم في الدين، والتنفير عن العوائد التي ترتعد من هجنتها فرائص أهل البصائر، غير مشتبه عليهم ما يُهيِّج الفتن ويُحرِّك سواكن المزعجات فيتجنبونه، وما يتأيد به حق أو يدمغ به باطل فينتهزون فرصته، مع الاستطلاع على غايات ما ينشر من المصنوعات المبتدعة والفنون المخترعة، ليرتبوا أحكامها على قواعد راسخة، فما اشتمل على مصلحة شيَّدوا له ذكراً، ورفعوا له شأناً، حتى تتناوله جمهور الأمة بصدور سليمة من عقدات التحرج، وما شابه أن يكون مفسدة أو لا نتيجة له إلا الاستغراق في فضول الحضارة،


(١) العدد الثامن - الصادر في ١٦ ربيع الثاني ١٣٢٢.