للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو بكر بن العربي (١)

أخرجت معاهد العلم في بلاد الشرق رجالاً خدموا الإسلام بصدق روايتهم، واستقلال أنظارهم، وشجاعتهم في الدعوة إلى الحق، وصبرهم على ما يلاقون في سبيل ذلك من الأذى، ورزقوا بعد هذا خلقاً سامياً، وازدراء لكل ما لا يدنيهم من مجادة في الدنيا، أو سعادة في الأخرى. وفي مقدمة هذه الطبقة- فيما أرى- القاضي أبو بكر بن العربي، وهو محمد بن عبد الله بن محمد ابن عبد الله بن أحمد بن العربي الإشبيلي الأندلسي.

* مولده ونشأته:

ولد صاحب الترجمة بإشبيلية سنة ٤٦٨، وكان والده عبد الله بن محمد من العلماء الذين أحرزوا في دولة بني عباد حظوة وصدارة، فنشأ أبو بكر في بيئة علم وفضل، وفي بيت يتصل بسياسة الدولة، وذلك مما يهيئ صاحب الفطرة السليمة كأبي بكر بن العربي لأن ينبغ في العلم، ويسبق إلى ذروة المجد.

بلغ أبو بكر سنّ التعلم، فأخذ عن أبيه عبد الله، وخاله أبي القاسم الحسن الهوزني، وأبي عبد الله السرقسطي، وقرأ القراءات، وأخذ حظاً عظيماً من علوم


(١) محاضرة الإمام في دار جمعية "الهداية الإسلامية" مساء يوم الخميس ٢٢ رجب ١٣٥٥. ونشرت في مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الثاني من المجلد التاسع.