وزرنا المدرسة التجارية، فتلقانا مديرها الشيخ مصطفى طنطاوي، وأحد مدرسيها الشيخ محمود بكامل المبرة، وعرّفنا الشيخ مصطفى بنموذج تعليمها.
وبمناسبة ذكر اللغة الفارسية في جملة اللغات التي تدرس بها، قلنا: إن للغة الفارسية مزية، ولهذا أجاز أبو حنيفة - رضي الله عنه - القراءة بها في الصلاة لمن عجز على العربية، فقال لي: بل الإمام يجيز القراءة بأي لسان، اتفق، ولا يخص هذا الحكم بالفارسية، وقد كنت طالعت هذه المسألة مقيدة بالفارسية في كتاب "الأحكام" لأبي بكر بن العربي، ثم أعدت النظر في بعض كتب المذهب الحنفي، فوجدت أحد الفقهاء، وهو الشيخ البرادعي نص على تخصيص الحكم بالفارسية، ولعل الراجح في المذهب خلافه.
ومما أورده في المحادثة: أن الحريق الذي حدث بدمشق لهذه السنة، قد أحاط بساحة المدرسة من جهاتها الأربع، ولم يتناول من مبانيها فتيلاً، فقلت له:{وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}[الرعد: ١٧] فوقعت لديه موقع الارتياح.
ودار على البساط حكم العلوم الرياضية والطبيعية في نظر الإسلام، ومما أدرجناه في هذه المحاورة: قول القرافي في "فروقه": قد يغمض على الفقيه والحاكم الحق في كثير من المسائل بسبب الجهل بالحساب والطب والهندسة، فينبغي لذوي الهمم العلية أن لا يتركوا الاطلاع على العلوم ما أمكنهم، وتجاذبنا خلاصة ما حققه الإمام أبو حامد الغزالي في كتاب "المنقذ من الضلال" عند بحثه عن علم الطبيعيات، ونصه: "أما علم الطبيعيات، فهو بحث عن أجسام العالم: السماوات، وكوكبها، وما تحتها من الأجسام المفردة؛