انبرى المؤلف في إجابتك المقنعة، وطفق يحدثك ببعض ما يحشره في الفصول الآتية من مباحث.
حتى قال في (ص ٨): "ثم يجب أن أحدثك عن اليهود في بلاد العرب قبل الإِسلام وبعده، وما بين اليهود هؤلاء وبين الأدب العربي من صلة، ويجب أن أحدثك بعد هذا عن المسيحية، وما كان لها من الانتشار في بلاد العرب قبل الإسلام وما أحدثت من تأثير في حياة العرب العقلية والاجتماعية والاقتصادية والأدبية، وما بين هذا كله وبين الأدب العربي والشعر العربي من صلة".
تفهم من هذه الفقرات أن المؤلف سيتحدث عن اليهود في بلاد العرب قبل الإسلام، ولا تدري ماذا يريد أن يأتي في حديثه عنهم؛ لأنه أجمل في العبارة إجمالاً، وتفهم منها أنه سيتحدث عن المسيحية، وأن حديثه عنها من جهة انتشارها وتأثيرها في حياة العرب العقلية والاجتماعية والاقتصادية والأدبية، ولا تكاد تشك في أنه سيمشي في هذا البحث خطوات، إن لم تكن واسعة، فمقتصدة، وإذا بلغت في مطالعة الكتاب موضع الحديث عن اليهود والنصارى في بلاد العرب قبل الإسلام، وجدت الحديث عنهما متقارباً، فقد ذكر أن اليهود استعمروا جزءاً غير قليل من بلاد الحجاز، وأن اليهودية جاوزت الحجاز إلى اليمن، واستقرت حينا عند سراتها، وأنها استتبعت حركة اضطهاد للنصارى في نجران. ثم ذكر أن المسيحية انتشرت انتشاراً قوياً في بعض بلاد العرب فيما يلي الشام حيث كان المناذرة، وفي نجران من بلاد اليمن. وقال: "تغلغلت النصرانية إذن كما تغلغلت اليهودية