كان يتلوه النبي وعشيرته من قريش، فقرأته كما كانت تتكلم، فأمالت حيث لم تكن تميل قريش، ومدت حيث لم تكن تمد، وقصرت حيث لم تكن تقصر، وسكنت حيث لم تكن تسكن، وأدغمت أو أخفت أو نقلت حيث لم تكن تدغم ولا تخفي ولا تنقل. فهذا النوع من اختلاف اللهجات له أثره الطبيعي اللازم في الشعر في أوزانه وتقاطيعه وبحوره وقوافيه بوجه عام".
كل نوع من اختلاف القراءات الثابتة يقبله العقل، ويسيغه النقل، وقد أريناك أن ما لا يقبله العقل، وهو اختلاف القراءتين المؤدي إلى تنافي المعنيين، غير موجود في القرآن، ولا يستطيع المؤلف وشركاؤه أن يظفروا له بمثل:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}[النساء: ٨٢].
وأما ما يقوله من أن لهذه اللهجات أثرها الطبيعي اللازم في أوزان الشعر وتقاطيعه وقوافيه، فمقتضى إتقان البحث أن يضرب مُثُلاً من هذه اللهجات، وترى طلابه بالجامعة كيف لا تجد في هذه الأوزان والقوافي ما يصلح لأن يكون مظهراً لآثارها الطبيعية.
* أوزان الشعر التي دوَّنها الخليل:
قال المؤلف في (ص ٣٤): "ولسنا نستطيع أن نفهم كيف استقامت أوزان الشعر وبحوره وقوافيه كما دونها الخليل لقبائل العرب كلها، على ما كان بينها من تباين اللغات، واختلاف اللهجات".
لا يستطيع المؤلف أن يفهم كيف استقامت هذه الأوزان لقبائل العرب كلها مع تباين لغاتهم، واختلاف لهجاتهم! وهذه الشبهة من فصيلة شبهة (مرغليوث) التي أوردها في مقالة إنكار الشعر الجاهلي بقوله: "إن أول من