طعن المؤلف في القرآن بملء فمه، وعلى قدر ما يرضي شركاءه، وتذكر -والشيء بالشيء يذكر-: أن المستشرق (كليمان هوار) كان قد زعم في فصل نشرته له "المجلة الآسيوية": أنه استكشف مصدراً جديداً للقرآن وهو شعر أمية بن أبي الصلت.
أسهب المؤلف في حديث ذلك المقال، ونفخ فيه من روح تلك الدعاية المبيتة، وإنما خالفه في وثوقه بصحة هذا الشعر المنسوب إلى أمية بن أبي الصلت. ومن رغبت إليه نفسه في أن يريها باطلين يتباريان في الهجوم على حق، فلينظر إلى حديث (هوار)، والمؤلف عن شعر أمية بن أبي الصلت.
يشق (هوار) بصحة ما يعزى إلى أمية بن أبي الصلت من الشعر، ويزعم أنه من المصادر التي امشمد منها النبي - عليه الصلاة والسلام - القرآن. ورأى المؤلف أن الاعتراف بصحة الشعر المعزؤ إلى أمية يضر بنظرية إنكار الشعر الجاهلي، وهو له في تقرير هذه النظرية مآرب ترجح على مارب القول بأن من مصادر القرآن شعر أمية بن أبي الصلت، ولا سيما بعد أن حدّثك بلسان المستشرقين:"أن القرآن تأثر باليهودية والنصرانية، ومذاهب أخرى بين بين كانت شائعة في البلاد العربية وما جاورها".
فالمؤلف لم يخالف (هوار) في زعم أن شعر أمية من مصادر القرآن، إلا بعد أن أراك أنه في غنى عن شعر أمية، بما قصه عليك من تأثر القرآن باليهودية والنصرانية، ومذاهب أخرى بين بين.
ولا ندري كيف غاب عن المؤلف أن يوافق (هوار) في صحة شعر أمية حتى يستفيد شبهة على القرآن، ثم ينكره؛ جمعاً لشمل نظرية الشك في الشعر