قاعدة: سد الذرائع؛ إذ لو وُجِّه اليمين على كل مدّعى عليه، لتمكن أهل السفاهة من امتهان أهل الفضل، ولا يشاء أحد أن يحلف أحداً من أهل الخير والفضل إلا ادعى عليه دعوى يتوصل بها إلى تحليفه وامتهانه.
ولعلك تستخلص من هذا المقال، على ما فيه من الجاز: أن شارع الإسلام يقصد إلى أن يكون للمسلمين دولة ذات صبغة دينية، وأنه سنّ لهذه الدولة سبيلاً متى جمح عنه الحاكم يميناً أو شمالاً، كان مسؤولاً للأمة المسلمة في الدنيا، ولمنزّل الشريعة في الآخرة. وقد حررنا لك فيما سلف: أن الشارع يوجه عنايته إلى حفظ الحقائق أو المصالح، ويترك الوسائل إلى اجتهاد أولي الأمر، يفرض الشارع تنوير عقول الأمة بالعلوم والمعارف، أما أن تكون مدة الدراسة أربع ساعات في اليوم، أو خمساً، وأن يشتغل طلبة العلوم بالسياسة، أو لا يشتغلون، وأن يعقد لهم امتحان في أول السنة، أو آخرها، وأن يمنح التلميذ حرية البحث في نفس الدرس، أو لا يفسح له في البحث إلا بمقدار، فذلك كله، وأمثاله معه، مما ينظر فيه أولو الأمر، ويُجرونه على حسب ما يتراءى لهم من المصلحة.
فقول المؤلف:"إن كل ما شرعه الإسلام، وأخذ به النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنظمة وقواعد وآداب إلخ" إنما هو قول من لم يقف على روح التشريع، ولم يدر أن ما لم تنص عليه الشريعة من الأنظمة، إنما هو من النوع الذي يتبدل على حسب ما تقتضيه طبائع الشعوب، وأحوال الأزمنة.
* أحكام الشريعة معللة بالمصالح الدنيوية والأخروية والمصلحة الدنيوية منها هي ما يبحث عنه أصحاب القوانين الوضعية:
قال المؤلف في (ص ٨٥): "إن كل ما جاء به الإسلام من عقائد ومعاملات