الحديث عن فضل العلم وما يناله طالبه من مجد وكرامة حديث لا يكشف عن غامض، ولا يطرق السمع بجديد، فأقصد إلى شيء غير هذا، هو: لفت أنظار نشئنا إلى ناحية تجعل المعارف لدينا غزيرة، والمباحث محررة، والآراء مبتكرة، وهي الوسيلة التي صعدت بعلمائنا الذين خدموا الدين والعلم والمدنية، فكانت لهم المكانة التي يصفها التاريخ بإجلال وإعجاب، ونعني بهذه الوسيلة: كِبَر الهمّة في العلم.
ل كبر الهمة في العلم مظاهر، هي: أن تقضي الوقت في درس أو مطالعة أو تحرير، وأن تقتحم في سبيل ذلك المصاعب، وتدافع ما يعترضك من العوائق، وأن تبسط النظر في كل مسألة تصديت لبحثها حتى تنفذ إلى لبابها، وأن تضع يدك في كل علم استطعت إليه طريقاً، ثم تحط رحلك في علم تكون فيه النجم الذي يهتدي به المدلجون، والغيث الذي ينتجعه الظامئون، وكبر همتك في العلم يأبى إلا أن يكون للعلم مظهر، هو: العمل به، والسير على ما يرسمه من الخطط الصالحة في هذه الحياة.
أما صرف الوقت في ابتغاء العلم، فإن للعمر أجلاً إذا جاء لا يستأخر،
(١) مجلة "نور الإسلام" - العدد الثامن من المجلد الأول، الصادر في شهر شعبان ١٣٤٩ هـ.