للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنافقون في عهد النبوة والملاحدة بعده (١)

لما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وصار للمؤمنين قوة من المهاجرين والأنصار، ظهرت طائفة المنافقين.

والنفاق: إظهار الإسلام، وإخفاء الكفر، فصار المنتمون إلى الإسلام طائفتين: طائفة مؤمنة، وطائفة منافقة، ويزداد عدد المنافقين بحسب رسوخ قدم الإسلام في المدينة، حتى إن واقعة بدر التي كانت في رمضان في السنة الثانية من الهجرة لم يحضرها منافق غير عبد الله بن أبي ابن سلول.

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرف بعض المنافقين، ولا يعرف بعضاً؛ كما قال تعالى:

{وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [التوبة: ١٠١].

ثم نزل قوله تعالى:

{وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: ٣٠].

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يعرف أن المتكلم منافق من لحن قوله؛ أي: فحواه.

والفحوى: ما يفهم من لفظ الإنسان من غير تصريح به.

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل المنافقين في جماعة المسلمين، ولا يقتلهم، مع علمه بأنهم غير مسلمين؛ اتقاء أن يقول الناس: إن محمداً يقتل أصحابه،


(١) مجلة "لواء الإسلام" - العدد السادس من السنة التاسعة.