للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهاشم، وترك تفنيد هاشم، وسعى في تخليصه.

ووصل خبر هذا الاعتذار إلى هاشم، فكتب خطاب شكر للوليد، ومما يقول في هذا الخطاب: "الصديق من صدقك في الشدة لا في الرخاء، والأخ من ذبَّ عنك في الغيب لا في المشهد، والوفيُّ من وفى لك إذا خانك زمان". ومما جاء في هذا الخطاب من الشعر:

أيا ذاكري بالغيب في محفل به ... تصامت جمعٌ عن جواب به نصري

أتتني والبيداء بيني وبينها ... رقى كلمات خلصتني من الأسر

لئن قرَّب الله اللقاء فإنني ... سأجزيك ما لا ينقضي غابر الدهر

فكتب إليه الوليد جواباً يقول فيه:

"وصلني شكرك على أن قلت ما علمت، ولم أخرج عن النصح للسلطان بما ذكرته من ذلك، والله تعالى شاهد على أني أتيت ذلك في مجالس غير المجلس المنقول إلى سيدي، إن خفيت عن المخلوق، فما تخفى عن الخالق، ما أردت بهما إلا أداء بعض ما أعتقده لك، وكم سهرتَ وأنا نائم، وقمتَ في حقي وأنا قاعد! والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً".

* الصداقة تقوم على التشابه:

لا تنعقد الصداقة الصافية بين شخصين إلا أن يكون بين روحيهما تقارب، وفي آدابهما تشابه، قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة:

وما يلبث الإخوان أن يتفرقوا ... إذا لم يؤلف روحُ شكل إلى شكلِ

فإن وجدت صحبة بين بخيل وكريم، أو جبان وشجاع، أو غبي وذكي، أو مهتد ومبتدع، فاعلم أن الصحبة لم تبلغ أن تكون صداقة بالغة، قال الطائي:

عصابة جاورت آدابهم أدبي ... فهم وإن فرقوا في الأرض جيراني