وردت أحاديث تنبئ بظهور رجل في آخر الزمان يقيم العدل، ويحكم الناس بالشريعة، وسمي في بعض هذه الأحاديث بالمهدي، وكثيراً ما يتشوف الناس إلى أن يقفوا على حقيقة هذه الأحاديث الواردة في شأنه، ويعرفوا موقعها من الصحة، ولا سيما عندما يقوم شخص يدعي المهدوية، أو تحدث حادث غريبة؛ كحادثة هذه الأيام، تدعو الناس إلى أن يجعلوا لها نصيباً من الحديث في مجالسهم.
ذلك ما دعاني - بصفة أني كنت مدرساً للحديث وعلوم الحديث في كلية أصول الدين - إلى أن أعرض في هذه المحاضرة ما وصل إليه بحثي، واستقر عليه نظري في هذه القضية مستنداً إلى القواعد الصحيحة التي تضع كل حديث موضعه، غير غافل عما يترتب على بعض الاعتقادات من فساد في العلم، أو يجول في النفس من شبه يثيرها الوهم، فأقول:
الأحاديث النبوية منها ما يسمّى بالحديث المتواتر، وهو ما يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة يستحيل في العادة تواطؤهم على الكذب، ومنها خبر الآحاد، وهو ما يرويه الثقة العدل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الأول من المجلد الثاني والعشرين، محرم ١٣٦٩ هـ.