للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مقدّمَة الإمام محمّد الخضر حسين (١)

نحمدك اللهم حمد من ابتغوا الإِسلام شرعة ومنهاجا، ونصلي ونسلم على رسولك الذي أطلعته في غسق الجهالة سراجاً وهاجاً، وعلى آله وصحبه الذين اشتروا العزة بزهرة الحياة الدنيا، وجاهدوا لتكون كلمة الحق هي. العليا.

هذا، ومن ينظر إلى ما بلغته الأمم الإِسلامية من رفعة وعظمة، ثم يقيس حاضرها بماضيها، يجد الفرق ما بينهما كالفرق بين طلعة الصبح وفحمة الدجى، يجدها كانت تعلم فتعمل، وتسوس فتعدل، وتحارب فتظفر، وتدعى إلى الإصلاح فتسمع، وتشعر بالخلل فتصلح. أما شأنها اليوم، فهو ما ترون بأعينكم، أو تسمعون بآذانكم: بدع فاشية، وأهواء غالبة، وروابط إخاء واهية، وأيد فوق أيديها غليظة قاسية، وشر من هذا -إن كان فوق هذا شر- حُفر من النار تخطها بين فتياننا وفتياتنا أقلام مكبّة في الغواية والخلاعة على وجهها.

لا أبسط القول في علل هذا الانقلاب المهين، ولا أكتم القراء أن علة هذه العلل تغير موقف الكثير من رجال العلم، وأخذهم في الحياة طوراً غير


(١) فاتحة مجلة "الهداية الإِسلامية" -العدد الأول من المجلد الأول المصادر في جمادى الثانية لعام ١٣٤٧ هـ.