للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محاربوا الأديان ونموذج من سلاحهم (١)

الحكم المنعقد على كون الشيء حقاً أو مصلحة أو حسناً، قد تستمده النفس من الدلائل الخارجية؛ كالمشاهدة، والتجربة، والتواتر، والقياسات النظرية. وأحيانا يكون أثر من آثار النشاة في بيئة، والتقلب في أطوار، وربما كان صادراً عن الذوق الذي يتربى من العيش في بيئة خاصة، والتنقل في أطوار معينة. وللأهواء تأثير في الآراء المتولدة عن العادة والذوق أكثر من تأثيرها في الآراء القائمة على سند الحجة ومكانة الدليل، فالرأي الناشئ عن القعود أو الذوق، لا يلبث أن يتغير ويتلاشى متى تكونت في الرجل حالة نفسية تستدعي رأيًا أوسع مجالًا لدواعي الشهوة، وأجمع لفنون اللذة من الرأي الناتج عن سيرته الأولى.

نتخلص من هذا إلى أن من الناشئين في بلاد الشرق من ينبت نباتاً حسناً، ويتلقى آداب الدين وعقائده على بينة وروية، ومثل هذا الفريق لا يتزحزح عن عقيدته، ولا يتحول عن مبادئ تربيته، وإن تغلغل في أحشاء بلاد أجنبية، وانغمس في عادات أقوامها أمداً طويلاً.


(١) مقال نشر في "جريدة الاستقلال المصرية"، وقد أخذته من كتاب "مجمع "الفوائد" الذي جمع فيه الجيلاني الفلاح بعض المقالات الاجتماعية.