فيه أقوالاً غاوية، وقد وقف العلماء تجاه هذا كله موقف من لا تأخذه في الله لومة لائم، فكانوا يضعون أقوال الصوفية وأعمالهم على محك النظر، ويزنونها بميزان الشريعة، فيتركون المستقيمين منهم في زهدهم وانقطاعهم إلى عبادة ربهم، ويضربون بما وجدوه من ضلالات أو بدع في وجوه مبتدعيها.
وإنما بقي التصوف ملوثاً بما تلوث به من بدع عملية وأخرى اعتقادية، مع مناهضة العلماء لهذه البدع، ومدافعتهم لها بالحجة، وكشفهم عما تحتها من سرائر، بقي كذلك؛ لأن أصحاب هذه البدع كانوا يبثون آراءهم بين أيدي السذج من الناس، والسذج والجهال من الناس ليسوا بقليل.
ومما استمدت منه هذه البدع بقاءها: أن بعض المنتمين إلى علوم الشريعة لا يستطيعون أن يفصلوا للوقائع والأقوال أحكاماً موزونة، فكانوا يقفون أمام بدع المتصوفة أو غلطاتهم موقف الحائر في أمرها، أو الجانح إلى مسالمة أهلها.
* الطرق الصوفية في الوقت الحاضر:
نحن نعرف أن في زعماء هذه الطرق رجال علم وفضل، ولا ننكر ما يقوم به هؤلاء الفضلاء من إرشاد وتعليم، ومعرفتنا لهؤلاء الرجال المستقيمين، لا تمنعنا من أن نلقي على الطرق الصوفية نظرة نبتغي بها أن نكون على بينة من شؤوننا الاجتماعية، وأن تكون هذه الشؤون في نظام وصفاء، ولا سيما شأن يلبس على أنه مظهر من مظاهر الدين الحنيف، فالمسألة خطرة، وتبعة السكوت عنها غير هينة.
الحقيقة أنه لا يزال في بعض هذه الطرق بقية من المحدثات التي حشرت في الإسلام على جهالة، ولا يزال كثير من أصحابها يتناقلون عبارات مدسوسة