التأليف في الأدوية المفردة، والتنبيه لطريق نقلها من اليونانية إلى اللغة العربية، والتذكير بشيء من معاناة العرب للتأليف فيها.
من بين الأطباء الذين ظهروا بعد أبقراط، وقبل جالينوس، نشأ الطبيب دسقوريدس المنسوب إلى عين زربى، أو زريه، وقد عني هذا الطيب بالأدوية المفردة بحثاً وتأليفاً وتصويراً، وكان يجول في البلاد لهذا الغرض النبيل، وقد قال في وصفه يحيى النحوي الإسكندراني:"النافع للناس منفعة جليلة، السائح في البلاد، المفتش لعلوم الأدوية المفردة في البراري والجزائر والبحار، المصور لها، والمحدد لمنافعها". ويقول الأطباء في القديم: إن دسقوريدس رأس كل دواء مفرد، وعنه أخذ جميع من جاء بعده.
وجاء على أثر دسقوريدس أطباء من اليونان ألفوا في الأدوية المفردة كتباً حتى جاء جالينوس، فألَّف فيها، وفضل على تلك الكتب كتاب دسقوريدس، فقال:"إني تصفحت أربعة عشر كتاباً في الأدوية المفردة لأقوام شتى، فما رأيت فيها أتم من كتاب دسقوريدس الذي هو من أهل عين زربى".
وممن ألف في الأدوية المفردة بعد جالينوس: عيسى بن قسطنطين، فله كتاب الأدوية المفردة، وهو -فيما يقال- أول من نقل كتب اليونانيين إلى اللغة السريانية.
* كيف نقلت الأدوية المفردة إلى اللغة العربية؟
أول من نقل كتاب "الأدوية المفردة" لدسقوريدس من اللسان اليوناني إلى اللسان العربي اصطفن بن بسيل، وطريقته في الترجمة: أنه إن علم للمعنى الطبي اسماً في اللسان العربي، ذكره باسمه العربي، وإن لم يعلم له اسماً عربياً، أبقاه على اسمه اليوناني رجاء أن يأتي بعده من يعرف لذلك المعنى