قال المؤلف في (ص ١١٣): "ثم من هنا هذه الأيام والوقائع التي كانت للعرب على الفرس، والتي تحدث النبي عن بعضها، وهو يوم ذي قار".
ينظر القارئ بدقة أو بسذاجة، فلا يجد من مناسبة لهذه الفقرة التي يتهجم بها المؤلف على حضرة صاحب الرسالة، إلا أن ينبت في نفوس طلابه أو قراء كتابه نباتاً سيئاً. ألا يسعه إنكار يوم ذي قار دون أن يقول بعبارته الصريحة: إن النبي تحدث عنه؟! ألا يكون القارئ على حق إذا فهم أن المؤلف اتخذ اسم البحث في العلم برقعاً يغمز ويطعن من ورائه حتى يرضى، وأن هذا البرقع قد ينزاح، فلا يبقى شيء سوى طعن القدم الذي يلذ فتنة القلوب المطمئنة بالإيمان؟.
ربما يكون المؤلف قد رأى هذا الأثر في كتب الأدب أو التاريخ, فأضافه إلى الحضرة النبوية كالواثق بصحة روايته، ثم جعل واقعة اليوم كذباً، فالمؤلف يؤمن بهذه الكتب إذا روت حديثاً أو خبراً يبدو له أن يتوكأ عليه في طعن أو غمز، ويرميها بالزور والبهتان إذا نقلت أثراً صالحاً للعرب أو الإِسلام.
تشعبت أهواء المؤلف، فتركت أقواله في تخاذل بعيد، فيوم ذي قار من هذه الأيام الموضوعة لإجابة الشعوبية بلون من الانتحال، ويوم ذي قار تحدث عنه النبي! فيوم ذي قار اختلق لعهد الشعوبية، وتحدث عنه النبي قبل اختلاقه.
هذا معنى كلامه إن كان يتحدث في تاريخ آداب العرب بلغتهم، وعلى ما تقتضيه قواعد نحوهم وبيانهم، فإن زعم أنه ينطق على الناس بما لا ينطق