الدول ذات الدواوين الطويلة العريضة، فنحن نسميها مالية تؤخذ وتصرف بنظام، وللمؤلف الذي أشلى قلمه ليلغ في عرض الحكومة النبوية أن يسميها بما شاء.
* لماذا لم يكن في عهد النبوة إدارة بوليس؟
للحكومة مقومات: قانون يخضع له الجمهور، ورجال يقومون على تنفيذ هذا القانون، وأموال تقبض وتصرف في المصالح المشتركة، وقوة من الرجال والسلاح لدفاع العدو وكبح الثورة، وما عد هذا من المشروعات والنظم، فإنما يأتي على حسب تطور الزمان، وما يعرض من الحاجات.
فإذا رأينا جماعة يمسكون بأيديهم قانوناً يحفظ الحقوق، ويوجد بينهم من ذوي الكفاية للقيام على تطبيق هذا القانون وتنفيذه عددٌ غير قليل، ويجبي إلى خزانتها العامة من الأموال ما يقوم بمرافق حياتها الاجتماعية، وتنهض لحمايتها أو حماية قانونها جنود تخوض مواقع الحروب بما استطاعت من قوة، صحّ لنا أن نقول: إن هذه الجماعة ذات حكومة، وربما كانت الحقوق فيها محفوظة، والأمن سائداً، وإن لم تكن بها إدارة بوليس، وكذلك كان حال جماعة المسلمين لعهد النبوة؛ بحيث لو وضعت في تلك المناطق الإسلامية دوائر بوليس، لم يصر الأمن فيها أمكن، ولا الحقوق أكثر صيانة، وإليك الحجّة والبيان:
كانت حالة الأمة لعهد النبوة بالغة من الاستقامة إلى حيث تجدها في غنى عن دائرة محافظة أو "بوليس".
وقد يقول الناشئ فى مدينة يجوس الشرطي خلالها، ويسيطر على كل شارع من شوارعها: كيف يحفظ النظام في جماعة لا يقوم على رؤوسها