تلك الحروب حق قدرها، واعترف بما كان لها من فضل على العالم أجمع، فإنها الوسيلة لإحكام عُرى دولة إسلامية خدمت حقوق الإنسان، ورفعت منار العلم، وأرت الناس المساواة والحرية في أحسن تقويم.
* محاورة عمر وأبي بكر في قتال مانعي الزكاة:
قال المؤلف في (ص ٩٩): "ثم ألسنا نقرأ في التاريخ أيضاً: أن عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه - قد أنكر على أبي بكر قتاله المرتدين، وقال: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قالها، عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله".
لم ينكر عمر قتال المرتدين عن الإسلام؛ فإن قتالهم جائز بإجماع، وإنما أنكر قتال مانعي الزكاة، واستشهاده بالحديث صريح في أنه يعارض في قتال قوم يشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وقد قطف المؤلف من محاورة الشيخين - رضي الله عنهما - إنكار عمر، وترك أمرين، وهما: جواب أبي بكر، ورجوع عمر إلى رأي أبي بكر، وكلاهما ثابت في الصحيح.
قال شيخ الإسلام في "منهاج السنّة"(١): "وأما قول الرافضي: إن عمر أنكر قتال أهل الردة، فمن أعظم الكذب والافتراء على عمر، بل الصحابة كانوا متفقين على قتال مسيلمة وأصحابه. ولكن كانت طائفة أخرى مقرين بالإسلام، وامتنعوا عن أداء الزكاة، فهؤلاء حصل لعمر شبهة في قتالهم، حتى ناظره الصدّيق، وبيّن له وجوب قتالهم، فرجع إليه.