في الغرب علم، وأساليب بحث وتأليف، وليس في يد الغرب أن يهب لك ذوقًا أو عقلاً لا يمشي في البحث إلا على صراط مستقيم. وهذا (مرغليوث)، وهو غربي عقلاً ومولداً، قد يورد آراء لا تلقى في الشرق إلا من يردها بالحجة على عقبها خاسئة. فإن كان للعلوم الغزيرة وطن؛ فإن العبقرية لا وطن لها.
* المستقبل للحقائق والحجج:
قال المؤلف في (ص ٤٦): "وإذا كان قد قدر لهذا الكتاب ألا يرضي الكثرة من هؤلاء الأدباء والمؤرخين، فنحن واثقون بأن ذلك لن يضيره، ولن يقلل من تأثيره في هذا الجيل الناشئ. فالمستقبل لمنهج (ديكارت)، لا لمناهج القدماء".
عرف هؤلاء الأدباء والمؤرخون منهج (ديكارت) من قبل أن يخلق كتاب "في الشعر الجاهلي"، ولاقوه بطمأنينة وارتياح؛ لأنه المنهج الذي يسير عليه كل راسخ في العلم، وإذا لم يرضوا عن ذلك الكتاب، فلأن مؤلفه ينطق بغير حجة، ويحكي آراء في لهجة مستنبط، ويستعير للطعن في الإسلام لقب باحث، ويتخذ اسم منهج (ديكارت) حبالة لصيد الأغبياء. فنحن واثقون بأن نقد ذلك الكتاب، وافتضاح ما فيه من كيد وخطأ سيقلل تأثيره في الجيل الناشئ. فالمستقبل للحقائق والحجج، لا للتغني باسم الجديد، وأنصار الجديد.