يقع في وهم من لا يدري ما الإِسلام: أن شريعته لا توافق حال العصر الحاضر، ويبني توهمه هذا على أن القوانين إنما تقوم على رعاية المصالح، ومصالح العصور تختلف اختلافًا كثيراً، فالدعوة إلى بقاء أحكامها نافذة هي في نظره دعوة إلى خطة غير صالحة.
ذلك ما نقصد في هذا المقال إلى تفنيده، وتفصيل القول في دفع شبهته، حتى يثبت بالدليل المرئي رأي العين أن الشريعة الغرّاء تساير كل عصر، وتحفظ مصالح كل جيل.
ولما كان التشريع الإِسلامي يعتمد في معظم أحكامه على الاجتهاد، استدعى البحث أن نصدره بكلمة في الاجتهاد، وفي هذه الكلمة ترى شيئاً من عظمة علماء الشريعة، ولا أخالك أن تقرأ البحث بدقة، فلا تأتي على آخره حتى تشهد بأنهم كانوا هداة مصلحين.
ونأخذ بعد بحث الاجتهاد في تقرير الأصول التي جعلت الشريعة تسع مقتضيات العصور على اختلافها، وتقوم بحاجات الشعوب على تباعد ما بينها، ونسوق لك الشواهد على هذا من عمل القضاة ورجال الفتوى،