حريّة الدعوة فى دليل على رقي الأمة وعظمة الدولة (١)
أطيب الأمم حياة: أمة تجد الدعوةُ إلى الحق بينها طرقاً معبدة، فتذهب مطلقة العنان دون أن تعترضها عقبات. وإنما تملك دعوةُ الحق حريتها في ظلال دولة تسير في سياستها على رشد، ولا غاية لها إلا أن ترعى أمة عزيزة الجانب، نبيهة القدر.
يدرك المخلصون من أولي الأمر أن لا فلاح لأمة إلا بالدعوة، فينظرون إلى دعاة الإصلاح بارتياح وإكبار، ويدرك الدعاة إلى الإصلاح أن فتح باب الحرية في وجه الدعوة شأن الدولة التي تريد بأمتها خيراً، فتألفها قلوبهم. ويبذلون في تنبيهها لوجوه الإصلاح جهدهم.
فالدعوة إلى الحق ميزان الحرية الصادقة، ودليل رقي الشعب، فإذا رأيت الدعوة تغشى كل موطن، وتطرق كل سمع، فاعلم أن الحرية باسطة أجنحتها، وأن الشعب سائر إلى حياة راضية.
ولو رجعت إلى ماضي الأمم، رأيت هذه الحقيقة رأي العين: ترى الدعوة ترد مجالس بعض الرؤساء، فيفسح لها، ويتلقاها بأذن واعية، ويعمل لنفاذها، فتفهم من الجهر بالدعوة، وإبلاغها مسامع الرؤساء، أن الدعاة إلى
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الثاني عشر من المجلد الثاني عشر.