وكانت آراؤهم بعيدة من الرشد، واستطاعوا أن يسوقوا بعض الشبان الغافلين إلى غير حق، أو غير فضيلة، ويقذفوا بهم في إباحية هوجاء، ومن طباح هؤلاء القادة غير الراشدين أن يستخفوا بمن يقف في سبيلهم، ولو كان غزير العلم، قوي الحجة، إلا أن ينطق بأفصح من ألسنتهم، أو يكتب بابرع من أقلامهم.
وإذا اتخذ بعض الكتاب أو الخطباء أدب اللغة سلاحاً يقطعون به سبيل الخير والفلاح، أفلا يجدر بدعاة الحق والفضيلة أن يسبقوا إلى تقلد هذا السلاح، ويغوصوا في علم الأدب إلى غاية بعيدة، ويعملوا لإعلاء شأن هذا العلم، حتى تخرج لنا المعاهد الدينية والمدارس العلمية رجالاً يوردون الحجج في أساليب سائغة، ويزيحون عن الشبه والمغالطات ما تضعه على وجوهها من صبغة خادعة؟!.
ولم ننس أن في الشرق لهذا العهد رجالاً يجمعون بين حصافة الرأي، وطهارة القلب، وبلاغة القول، ويجاهدون في الإصلاح جهافى من لا يخافون لومة لائم، ولكنهم بالنظر إلى الطوائف الذين يحاربون الهداية، ويصدون عن سبيل الله، لا يبلغون الكفاية. والقصد: أن نعد للدعوة إلى الإصلاح قوة من الخطابة والكتابة تستطيع أن تقف في وجه كل دعاية لا تأتي بخير.